و يرجع قلبى مستسلماً ...

*** أحبك ربى ***

لم امسك بقلمى أو أخط به منذ زمنٍ بعيد حتى شعرت أن شيئا ما يدفعنى للكتابة .. شعور قوى يملأ علىَّ أركان فؤادى فيرجه رجاً حتى إنى لم أعد أقوى على الصمت بعد الآن

شعور بالحب..حب كبير عظيم تملك منى و ملأ علىَّ كل كيانى
لم يأتِ فجأة بل وُلِدتُ به و فُطَرتُ عليه .. و كلما كبرت عاماً كَبُر معى و ترعرع و نمى هذا الحب بداخلى و أتمنى من العلى القدير أن يديم علىَّ هذه النعمة فلا أفقد هذا الإحساس أبداً

بِحُبك ياربُ قلبى شدا
نجا و اليقين كقطر الندى
لعل القلوبَ تئوب إليك
و أصحابها يذكرون الهدى

ذاك هو الحب بمعناه الحقيقى
أسمى حب يمكن أن يشعر به القلب

نعم..أحبك ربى
أحبك حباً يملأ علىَّ فؤادى و عقلى .. يسري بدمى فيصل إلى كل خلية بجسدى
و إن أخطأت
و إن عصيت
فذاك ضعفى البشري
لكنى أعلم أن بداخلى حب كبير لك وحدك دون سواك
حب أشعر معه بالأمان كلما ذكرت اسمك
حب يدفعنى عند الهم و الغم أن أرتمى و أبكى ببابك
وأنا على يقين أنى لن أجد أحن منك يا عظيم المن على أمتك الضعيفة

أحبك و أعلم جيداً أنى ليس لى سواك
مهما كان من هم حولى من البشر
مهما كثر عددهم أو علت مكانتهم
فإن غضبت أنت علىَّ أرى الدنيا خواء سراب ظلام ليس إلا
و إن رضيت أنت يارب و استشعرت معيتك أرى الدنيا مهما كان بها من ابتلاءات و منغصات لا تخلو من الأمل
فأملى بك و رجائى فيك ينير ظلام حياتى

أحبك ربى..و كيف لا؟؟!
و أنا أستشعر أن حنانك يغمرنى فيحيطنى من كل جانب و يلُف فؤادى فيهدىء من روعه و يخفف من جزعه
"و يرجع قلبى مستسلماً إلى الله يلقى لديه الأمان"

كيف لا ياربى؟!!
و أنا لم أرتمى يوماً ببابك فتطردنى على ما أنا عليه من ذنوب و آثام
و على ما كان منى من جحود و بعد

كيف لا؟!!
و أنا أحتمى بك وحدك من كل شىء حتى من نفسى التى بين جنبىَّ يا ملاذى و ملجأى

(قصدتك يا حِمى روحى و يا غوثى من الكُرَبِ و يا حصنى من الأيام و الأيامُ تعصف بى)

كيف لا يارب
و نعمك علىَّ لا تعد و لا تحصى
و لئن سجدت عمرى شكراً لك ما وفيت حق نعمة من نعمك علىَّ

و كذلك نحن جميعاً إخوتى
فقط أغمض عينيك و تذكر لطف الله بك و حرصه على هدايتك و اختياره الأفضل لك دوماً
تذكر يوم أن ذهبت إليه مطأطئ الرأس
داعياً أن يفرج الله همك و يقضى حاجتك و انت بداخلك تعلم يقيناً أن كل الأبواب أُغلقت فلم يعد إلا بابه المفتوح لك دائماً ..

فلم تذكره و لم تشكره و لم ترتمى ببابه إلا عندما ضاق بك الحال و أظلمت دنياك من حولك و زاد عليك البلاء فعلمت حينها أنه لا ملجأ و لا منجى من الله إلا إليه

فلنتدبر دعاء النبى
"اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و بك منك .. لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك"

نعم لا ملجأ و لا منجى من الله إلا إليه
فهو المنتقم الجبار القاهر فوق عباده
و هو الرحيم الغفور الودود العفو
هو اللطيف الرؤوف الستير الحيي
هو الحنان المنان غياث المستغيثين و مجيب السائلين
فكيف لنا أن نعرض عنه و هو يلطف بنا و يتودد إلينا
و كيف بنا إن تركنا لأنفسنا

فمن دعاء النبى أيضاً
"يا حى يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لى شأنى كله و لا تكلنى إلى نفسى طرفة عين"

و كان من كلام النبى فى الخطبة التى ألقاها يوم دخوله المدينة كما روى البيهقى
"..أحبوا من أحب الله ، أحبوا الله من كل قلوبكم ، ولا تملوا كلام الله وذكره ، ولا تقس عنه قلوبكم.."
او كما قال

فلنتأمل نعم الله اخوتى الكرام
استشعروا كل نعمة و تذكروا كل كرب نجاكم الله منه و كل هم فرجه عنكم
فلتذكروا كل مرض شفاكم منه و كل ابتلاء عافاكم منه

فلتذكروا المرضى و العجزة و الفقراء و المصابين و ضحايا الحوادث و ضحايا الحروب و ضحايا الجوع و الخوف و الفقر و احمدوا الله على نعمة العافية .. و اطلبوا منه تمام عافيته فى الدنيا و الآخرة
ألا تستحق تلك النعمة فقط أن نخر سجداً لله حمداً و شكراً

أفلا نحمده سبحانه و تعالى أنه لم يقبضنا و نحن نعصاه و نجحد نعمه

أفلا نحمده على لطفه و حفظه و رزقه و كرمه و توفيقه لنا

أفلا نحمده على نعمة الإسلام أن منّ الله علينا به دونما أى عناء و كفى بها نعمة

و كما قال تعالى
{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }النحل53

و يقول سبحانه
{وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }إبراهيم34

{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }النحل18

كيف يطمئن قلبك و تشعر بالأمان أخى أو أختى و أنت لا تعلم أراضٍ عنك ربك اليوم أم لا؟!

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28

كيف تأمن عقابه و غضبه إن أغضبته و تجاهلت حبه لك و نعمه عليك و إنك لتعلم انه ليقبلك و يفتح لك الأبواب بالتوبة و الاستغفار و مع ذلك تستمر فى البعد و المعاصى

{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30

ولا تظنوا أنى أزكى نفسي لا والله
يعلم الله كم اخجل من أخطائى و ذنوبى و سوء ظنى بأكرم الأكرمين و أرجو عفوه و مغفرته و تمام عافيته و ستره
لكنى أكتب هذا الكلام شكراً لله على نعمه التى لا استطيع لها عداً و على حنانه الذى لم أر حناناً يضاهيه من مخلوق
و لم لا؟! و قد خلقنى و حفظنى و رعانى و ربانى حتى من قبل ان أعرف كيف اذكر اسمه
و أغبط المحبين لله العابدين القانتين المخلصين على ما أنعم الله به عليهم من هداية وقلب يقظ و همة عالية و قد فاض الحب من قلوبهم فحدثوا به و كتبوا عنه
ارجو من الله أن يمن علىَّ و يجعلنى منهم يوماً ما
فتأمل ماذا كتبت أقلامهم من فيض ما تُكن صدورهم

"والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا و حبك مقرونٌ بأنفاسى ولا جلست إلى قوم أحدثهم إلا و أنت حديثى بين جلاسى"

وليتك تحلو ... و الحياة مريرة
و ليتك ترضى ... و الأنام غضاب
و ليت الذى بينى و بينك عامر ... و بينى و بين العالمين خراب
إن صح منك الود ... فالكل هين و كل الذى فوق الترابِ ترابُ

يا حبيب القلوب أنت حبيبُ أنت أنسى و أنت منى قريبُ .. يا طبيباً يتداوى بذكره كل ذى علةٍ فنعم الطبيبُ

أتيتك أعلن ذلى و فقرى وأسفح بين رياضك زهرى .. أتيتك أنت حبيبى و ربى و أنت محيرُ قلبى و فكرى .. أسير إليك سفينةُ شوقِ يلاطمها الموجُ فى كل بحرِ فلى ألف نجوى و لى ألف شكوى و عندى ألف قصيدةُ شعرِ .. عرفت الحياة ممراً إليك و ليست منايا و لا مُستقرى

إلهى كيف أنساك و حبك فى دمى يجرى
سأنسى الكل إلاك و أبقى مخلصاً عمرى

أيها الناس أحبوا الله من كل قلوبكم أحبوا الله لما يغزوكم به من النعم

يغزونا بالنعم و يحيطنا بحبه و حفظه و رعايته
و تكاد ان تنطق النعم من حولنا يا عباد الله قوموا فاشكروا الله .. استعينوا بالله و اسجدوا لله و افرحوا بفضل الله و رحمته فلم يعودكم إلا تفضلاً و كرماً حتى إنه لم يعجل بعقابنا برغم إعراضنا عنه و جحودنا له و سوء ظننا به

فخلقنا و حفظنا و رعانا و اصطفانا للإسلام و كأنه يريد أن ييسر لنا الطريق إلى الجنة و أحاطنا بحبه و حفظه و رعايته و حنانه
فانظر إلى آثار رحمة الله

تأمل حنانه عليك من خلال حنان من حولك عليك
فما حب أمك لك و حنانها عليك إلا قطرة من غيث من حب الله لك و حنانه عليك تفكر و تدبر و تأمل
فإذا عرفته حقاً..أحببته صدقاً و لن ترضى لطريقه بديلاً و سيغمرك الكريم بفضل منه و عفو و مغفرة و جود و إحسان بإذن الله

اللهم اجعلنا عبيد احسان لا عبيد ابتلاء

(لا أدرى لماذا لا يطير العباد إلى ربهم على أجنحة من الشوق بدل أن يساقوا إليه بسياط من الرهبة؟ إن الجهل بالله و بدينه هو علة هذا الشعور البارد أو هذا الشعور النافر مع إن البشر لن يجدوا أبرَّ بهم ولا أحنى عليهم من الله عز و جل .. و برُّه و حنوه غير مشوبين بغرضِ ما .. بل هما من آثار كماله الأعلى و ذاته المنزهة ) الشيخ محمد الغزالى
من كتاب جدد حياتك

{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }التوبة24

اللهم إنا نسألك حبك و حب من يحبك و حب كل عمل يقربنا إلى حبك
اللهم ما أعطيتنا مما نحب فاجعله قوة لنا فيما تحب و ما زويت عنا مما نحب فاجعله فراغا لنا فيما تحب
ولا تنسونى بالله عليكم من صالح دعائكم ...